وثانيهما: أن الدليل ينفي اشتماله عليه ابتداء ودواما، وهو ما ذكرنا في باب الاشتراك، ترك العمل به في الابتداء لضرورة الوقوع، فوجب أن يبقى معمولا به في الدوام.
وذهب آخرون إلى تجويزه، لأنه ممكن عقلا.
أما أولا: بالاتفاق.
وأما ثانيا: فلأنا نعلم بالضرورة أنه لا يلزم من فرض وقوعه محال، لا بحسب الذات، ولا بحسب الغير، وليس في السمع ما يحيله وينفيه بالأصل، فوجب أن يبقى على جوازه.
وأما ما ذكروه من الوجه الأول: فضعيف، لأنه إنما يكون الدين والنعمة عند معرفته أكمل وأتم، إن لو لم يكن معرفته على التفصيل مفسدة، أما إذا كان كذلك فلا.
وقد ذكرنا في باب الاشتراك أن معرفة الشيء على الإجمال قد يكون منشأ للمصلحة، ومعرفته على التفصيل قد يكون منشأ للمفسدة، فلم قلتم: إن هذا الاحتمال منتف عما في كتاب الله تعالى؟.