الفعل قد يكون أقوى دلالة على البيان من القول، وإن كان مفتقرا إليه في الجملة، لا في كل موضوع، وذلك حيث علم بالضرورة بسبب قرائن الأحوال أنه قصد به البيان، والألفاظ المستعملة في القول تكون دلالتها على الوصف ضعيفة لم يجز أحالة إصداره إلى تأكيد البيان لاستحالة تأكيد الشيء بما هو دونه في الدلالة، بل حمل على أنه فعل لغرض آخر، نحو قصد الامتثال "وغيره" وإن كان أقوى أو مساويا حمل على التأكيد، إذ الحمل عليه أكثر فائدة.
وفيه نظر: لأنا لا نسلم أنه لا يجوز تأكيد الشيء بما هو دونه في الدلالة، وهذا لأنه لا معنى للتأكيد إلا تقوية المفهوم الأول، والشيء قد يتقوى بما هو دونه إذا انضم إليه، ألا ترى أن المتعارضين إذا انضم إلى أحدهما ما هو أضعف دلالة منه فإنه يترجح على صاحبه.
وثانيها: أن يعلم تقدم الفعل على القول، فهاهنا / (٢٩٤/ب) أيضا البيان مضاف إلي الفعل لما سبق، وأما القول بكون الثاني تأكيدا أم لا فكما سبق.
ثالثها: أن لا يعلم التاريخ بينهما، فهاهنا حكم على الجملة بأن الأول منهما بيان، والثاني تأكيد.