وثالثها: أنه لو جاز أن يخاطب بما له ظاهر وهو يغني عن ظاهره، أو بالمجمل ولا يبينه لنا في الحال، لجاز أن يخاطب العربي بالزنجية ويبينه "له" بعد مدة، ولجاز أن يخاطب النائم والمغشى عليه ويبينه لهما بعد مدة، وان يقصد الإنسان إعلام غيره شيئا بالتصويت والتصفيق ويبينه له/ (٣٠٩/ب) بعد مدة، لأن الجهل بالمراد حاصل في الكل في الحال، والعلم به حاصل في الكل بعد مدة، بل مخاطبة العربي بالزنجية أولى من مخاطبته بما له ظاهر "وهو يعني غير ظاهر" لأنه ليس للزنجية ظاهر عند العربي يدعوه إلى اعتقاده بخلاف ما له ظاهر وهو يريد منه غير ظاهره، فإن ظاهره يدعو المخاطب إلى اعتقاده وهو جهل.
ولا يفرق بين خطاب العربي بالزنجية، وبين خطابه بالمجمل من غير بيان في الحال: بأنه يعلم في صورة الخطاب بالمجمل أن المراد أحد المعنييين، وأن ما عداهما غير مراد، وهذا القدر مما يراد تعريفه لما سبق في اللغات.
بخلاف الخطاب بالزنجية، فإنه لا يفهم منه شيء، لأن المعتبر في حسن لخطاب إن كان هو الوقوف على المراد بكماله وجب أن لا يحسن الخطاب بالمجمل من غير بيان، وإن كان المعتبر في حسنه الوقوف عليه ولو من بعض الوجوه، وجب أن يحسن مخاطبة العربي بالزنجية، لأن العربي أيضا يعلم أنه يريد به إما الأمر أو النهي أو غيرهما من أنواع الكلام.