عن تقديم النية والحث على تأخيرها مضاد مقصود الكلام الذي سيق لأجله، فكان باطلا.
وثانيهما: أن حمل النهي على المعتاد أولى من حمله على ما لا يعتاد، بل لا يكاد يوجد، فضرورة أن النهي المعتاد أمس، وتأخير النية عن الليل معتاد بسبب الذهول / (٣١٩/أ) والغفلة عنها، وأما التقديم "فنادر" لا يفعله أحد، لأنه ينسب إذ ذاك إلى جنون وقلة عقل وهو وازع له عنه فلم يجز حمله عليه.
وثالثها: أنا وإن سلمنا أنه ليس بنادر، بل هو معتاد كاعتياد التأخير، لكن نقول: قوله: عليه السلام: "لا صيام لمن يبيت الصيام من الليل" يقتضي النهي عن أن لا يقع مبينا وذلك قد يكون بالتقديم، وقد يكون بالتأخير وليس في اللفظ ما يقتضي تخصيصه بأحدهما، فوجب أن يحمل عليهما معا دفعا للإجمال، وتكثيرا للفائدة، فحمله على النهي عن التقديم فقط باطل ..
ورابعها: قالوا إنه محمول على نفي الكمال.
وهذا تفريع على أن حرف النهي إذا دخل على الاسم الشرعي يقتضي نفي حقيقته الشرعية، فأما إذا لم نقل بذلك سواء قيل بأنه مجمل فيهما أو هو حقيقة في نفي الكمال فليس هو من التأويل في شيء.