وكلام الشيخ الغزالي رحمه الله صريح باشتراط الأمر الثاني، دون الأول، فلا يحسن على رأيه "أن" يجعل مفهوم الموافقة من باب التنبيه بالأدنى (٣٢٢/أ) على الأعلى، بل قد يكون منه ذلك، وإنما يحسن ذلك على رأي الأولين.
وتسمية الشافعي رضي الله عنه إياه بالقياس الجلي، يشعر بالرأي الثاني، فإنه ليس من شرط القياس الجلي أن يكون الحكم في المقيس أولى من المقيس عليه، بل لا يشترط فيه إلا أن يكون علة الحكم سابقة إلى الفهم عند سماع الحكم، فلا يحسن أن يقال على رأي الأولين: إن مفهوم الموافقة هو القياس الجلي، بل هو "عندهم" أخص منه، ولو سمى به لكان من باب تسمية الخاص بالعام، وعليه ينزلون تسمية الشافعي رحمه الله إياه بالقياس الجلي.
ثم اعلم أنه ينقسم إلى قطعي: وهو الذي دل النص على حكمه بفحواه، وسياق الكلام، ومعرفة المقصود منه في محل النطق، نحو قوله تعالى:} فلا تقل لهما أف {فإنه إنما يدل على تحريم الضرب والشتم،