ولأن الأمر بالمعروف لا يسقط بسبب علم فاعل المحرم بتحريمه، فكان سكوته غير جائز، وحيث سكت دل على جوازه.
وثانيها: أن يعلم بلوغ التحريم إليه، ويعلم كفره وعناده، وعدم اعتقاد حقيقة أمره، فهاهنا لا يدل سكوته على جواز ذلك الفعل، إذ السكوت في مثل هذا المقام لا يوهم النسخ، والأمر بالمعروف يسقط حيث يعلم أنه لا ينفع بسبب اعتقاد عدم "حقيقة" الأمر أو غيره من الأسباب وهو كسكوت الرسول عليه السلام عن إنكار تردد اليهود والنصارى إلى بيعهم وكنائسهم.
وثالثها: أن لا يعلم واحدًا منهما مع العلم ببلوغ التحريم إليه، فهاهنا سكوته يدل على جواز الفعل أيضًا لما سبق.
ورابعها: أن يعلم أنه ما بلغه التحريم فهاهنا السكوت يدل على جوازه أيضًا لما سبق.
لا يقال: سكوته إذ ذاك ليس بحرام حتى يستدل به على جواز الفعل، لأنه "لما" لم يبلغه التحريم لم يكن الفعل حرامًا عليه، لأنا لا نسلم أن قبل بلوغ التحريم لم يكن الفعل حرامًا.