وثانيهما: أن من شرط النسخ أن يرد في الزمان الذي دل الخطاب على ثبوت الحكم فيه، إما ظاهرًا، أو نصًا، لأنا بينا جواز نسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به، فنصوصية الخطاب الدال على ثبوت الحكم لا يكون منافيًا للنسخ، بل شرط على البدلية، ودلالة التأبيد على دوام الحكم لا يخلو عن أن يكون بطريق الظهور، أو بطريق النصوصية، وعلى التقديرين يكون شرط النسخ وشرط الشيء لا ينافيه.
واحتجوا بوجوه:
أحدها: أن التأبيد جاري مجرى التنصيص على كل واحد واحد من الأزمنة بخصوصيته، ولو شرع الحكم كذلك لم يجز نسخه فكذا هذا.
وجوابه: منع أنه جاري مجرى التنصيص وقد عرفت سنده.
سلمناه: لكنه منقوض بالعام المؤكد "بكل""وأجمع".
سلمنا: سلامته عن النقص، لكن لا نسلم أنه لو شرع الحكم في جميع الأزمنة بلفظ هو نص في هذا المعنى لا يجوز نسخه وقد عرفت سند أيضًا.
وثانيها: أن الحكم قبل اقترانه بلفظ التأبيد، كان قابلاً للنسخ وفاقا، فلو كان قابلا له بعده أيضًا، لم يكن لاقترانه به فائدة.