وجوابه: أن مجرد الإيهام مع قيام الدليل الدال على امتناع ذلك غير مانع، وإلا لكان يلزم أن لا يتطرق النسخ إلى الأمر والنهي ضرورة أنه يوهم البداء فإن قالوا: لا يوهم ذلك لأن الناسخ دل على المنسوخ ما تناول الزمان الذي ورد الناسخ فيه وما بعده.
قلنا: وكذا نقول في نسخ الخبر: إنه لا يوهم الكذب؛ لأن الناسخ دل على أن الخبر المنسوخ ما تناول تلك الأزمنة.
وثانيهما: أنه لو جاز نسخ الخبر لجاز نسخ هذا الخبر وهو أن يقول الله تعالى: أهلكت عادًا، ثم يقول: ما أهلكت عادًا، ومعلوم أنه لو قال: ذلك لكان كذبًا، أو تخصيصًا؛ لأنه إن أراد نفي إهلاك كلهم لزم الكذب، وإن أراد نفي إهلاك بعضهم لزم التخصيص، وعلى التقديرين لا يكون نسخًا.
وجوابه: أن إهلاكهم غير متكرر بحسب الزمان، وإن كان متكررًا بحسب الأشخاص، فلم يقبل التخصيص بحسب الزمان، الذي هو عبارة: عن النسخ، وإن كان قابلاً للتخصيص بحسب الأعيان، الذي هو مسمى بمطلق التخصيص.