للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفعه بأن يردد في نفس هذه الصورة. بأن يقال: حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين إن لم يكن عدمًا عند عدم المشاقة فقد حصل الغرض.

وأما ثانيًا: فلأنه إن عنى بقوله "مطلقًا" في قوله: وإن كان عدمًا عند عدمه لزم أن يكون اتباع غير سبيل المؤمنين جائزًا مطلقًا، الكل أي يجوز اتباع كل واحد مما هو غير سبيل المؤمنين فهذا غير لازم، إذ انتفاء حرمة اتباع كل واحد من سبيلهم لا يستلزم جواز اتباع كل واحد من سبيلهم؛ لأن دفع السلب الكلي لا يستلزم الإثبات الكلي.

وإن عنى به الجواز في الجملة أي يجوز اتباع بعض ما هو غير سبيلهم حينئذ فهذا حق؛ لأن انتفاء السلب الكلي يستلزم الإثبات الجزئي، لكن لا نسلم بطلانه، بل هو مذهب الخصم وما ذكره من الدلالة عليه فهو غير صحيح لأنه إن عنى بالصواب مفهومًا زائدًا على الجواز فبتقدير تسليم أن مخالفة الإجماع لا يكون صوابًا فهذا المعنى لم يحصل المقصود، ولأن انتفاء الصواب حينئذ لا يستلزم انتفاء الجواز أن يكون انتفاؤه بانتفاء ذلك المفهوم الزائد.

وإن عنى به ما هو المعنى من نفس الجواز يناقض كلامه؛ لأن معنى قوله: ليس بصواب حينئذ هو أنه ليس بجائز، وما ليس بجائز يكون خطأ قطعًا، فيلزم أن يكون خطأ على تقدير أن لا يكون خطأ وهو متناقض.

سلمنا عدم التناقض، لكن لا نسلم أن خلاف الإجماع ليس بصواب مطلقًا؛ وهذا لأن معناه على التقدير أن خلافه ليس بجائز في الجملة، وأنه غير مسلم عند الخصم، بل هو مذهبه، فكيف يمكن أن يقال لا شك أن خلافه ليس بجائز في الجملة.

هذا إن أراد بقوله "مطلقًا" في قوله: ليس بصواب مطلقًا كونه كذلك في الجملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>