قلنا: قد تقدم في باب العموم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوصية السبب.
قوله: لو حمل على الكل لا يفيد أيضًا.
قلنا: ذاك لو حمل على الكل من حيث إنه كل، فأما إذا حمل على كل واحد واحد كما تقدم فإنه يحصل المقصود ولا شك أنه هو المتبادر إلى الفهم، فإن الرجل إذا قال:"من دخل غير داري فله كذا" فإنه لا يفهم منه: أنه أراد به من دخل جميع الدور المغايرة لداره ولهذا يستحق الجزاء بدخول أي دار كانت غير دوره.
قوله: لم قلت: إنه يلزم من حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين وجوب اتباع سبيلهم؟
قلت لوجهين:
أحدهما: أنه يفهم في العرف من قول القائل: "لا تتبع غير سبيل الصالحين" الأمر بمتابعة سبيلهم، ولهذا لو صرح بالنهي عن متابعة سبيلهم معه وقال: لا تتبع سبيلهم أيضًا عد متناقضًا.
نعم لو قال:"لا تتبع سبيل غير الصالحين" فإنه لا يفهم منه الأمر بمتابعتهم، ولهذا لو صرح معه بالنهي عن متابعتهم أيضًا بأن قال:"ولا تتبع سبيلهم أيضًا" لم يعد متناقضًا فإذا كان كذلك كان التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين أمرًا باتباع سبيلهم.
وثانيهما: أن غيرها هنا بمعنى إلا؛ بدليل أنه لو كان بمعنى الصفة لزم إضمار الموصوف، والإضمار خلاف الأصل، فما يفضي إليه يكون أيضًا كذلك