تقدم ذلك [ولو سلم ذلك] لكن إنما ندعي حجية إجماعهم إذا بقوا على صفة الإيمان لا مطلقًا.
وهو الجواب بعينه عن بقية الأحاديث التي تدل على خلو عصر ما عن العلماء.
وهذا الجواب إنما يستقيم على رأي من يجوز خلو الزمان عمن يقوم بالحق، فأما من لم يجوز ذلك فلا، بل هو يجيب عن البقية بأنه محمول على قلة العلماء؛ وهذا لأنه ليس فيها ما يدل بصراحته على أنه لا يبقى عالم ما في العصر، ولو سلم أن فيها ما يدل عليه لكن يجب حمله على ما ذكرنا، لمعارضة قوله - عليه السلام -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" وأمثاله جمعًا بين الدليلين بقدر الإمكان.
وأما المعقول فمن وجوه:
أحدها: أن كل واحد من الأمة يجوز عليهم الخطأ فوجب أن يجوز على الكل، كما أن كل واحد من الزنج لما كان أسود وجب أن يكون الكل أسود.
وجوابه ما تقدم، والمثال الذي ذكرتم لا يدل على اللزوم، بل يدل على أنه قد يكون كذلك وهو غير مفيد.
وثانيها: أن الإجماع على الحكم إن كان لا لدلالة ولا لأمارة كان باطلاً لمساعدتكم والدليل عليه فلا يجب اتباعه، وإن كان لدلالة وجب اشتهارها؛ لأن الدواعي تتوفر على نقل قواطع الوقائع العظيمة، وما اجتمع عليه علماء الشرق والغرب لا شك أنه واقعة عظيمة، وحينئذ لا يبقى في التمسك بالإجماع فائدة.