وأما ثانيًا فلأنه لو لم يجب فعل اللطف لم يقبح فعل المفسدة، إذ لا فرق في العقل بينهما؛ لأنه لا فرق في العقل بين فعل ما يختار المكلف عنده القبيح، وبين ترك ما يخل المكلف عنده بالواجب.
والأول فعل المفسدة، والثاني/ (٢٠/ أ) ترك اللطف، وإذا لم يكن بينهما فرق كان ترك اللطف أيضًا قبيحًا، وحينئذ يكون فعله واجبًا، ضرورة أن ما يكون تركه قبيحًا يكون فعله واجبًا.
ثم ذلك الإمام الذي يجب نصبه يجب أن يكون معصومًا؛ لأن احتياج الخلق إلى الإمام إنما كان لصحة إقدامهم على المعاصي، فلو كانت هذه الصحة ثابتة في حقه لاحتاج هو أيضًا إلى إمام آخر، ويلزم إما الدور، أو التسلسل، وهما محالان. فثبت أنه يجب أن يكون معصومًا.
وأما أنه متى كان كذلك كان الإجماع حجة، لأن الإجماع مهما انعقد فلا بد أن يكون قول الإمام فيه وإلا لم يكن إجماعًا إذ يعتبر فيه اتفاق جميع المجتهدين وهو سيدهم، فكيف لا يعتبر قوله؟ ومهما كان قول [من لا] يجوز عليه الخطأ فيما بين ذلك الاتفاق كان ذلك الاتفاق حجة بطريق الكشف عنه، لا أن نفس الاتفاق حجة، وهذا يقتضي أن يكون إجماع كل الأمة حجة، وأن لا يتوقف العلم بحجيته على العلم بالنبوة ضرورة أن الدليل ليس سمعيًا.
وهو ضعيف، لأنه مبني على قاعدة التحسين والتقبيح، وقد تقدم إبطالها إذ لا قائل بالفصل بين التحسين والتقبيح شاهدًا أو غائبًا، لأن أثبتهما