أصله، فلما كانت الدينية الشرعية واجبة بالشرع كانت وسيلة أيضًا كذلك.
والثالث ممنوع، وهذا لأن جميع ما يحصل من المنافع من نصب الإمام منحصر في اندفاع الهرج والمرج، واستقامة أحوالهم فيما يتعلق بإقامة الصلوات، وإيتاء الزكوات، وكل ذلك مصالح دنيوية أو شرعية، وعلى التقديرين لا يجب نصب الإمام عقلاً كما سبق.
فإن قلت: أنه لطف في المصالح الدينية مطلقًا، شرعية كانت أو عقلية لأن ما ذكرناه من المنفعة في وجوده من الحث على أداء الواجبات، والمنع من القبائح لا اختصاص له بالشرعيات، بل يعمها والعقليات فإنه كما يحث على فعل الواجبات الشرعية، ويمنع من قبائحها، فكذا على الواجبات العقلية ويمنع من قبائحها.
قلت: فحينئذ يمنع أن يكون حال الخلق عند وجود الإمام أقرب إلى الإتيان بالواجبات، والانتهاء عن المنهيات [وهذا لأنه إذا حثهم على فعل الواجبات، والانتهاء عن المنهيات] فربما تقوى دواعيهم على ضد ذلك إذ الإنسان حريص على ما منع، فكان فعل القبائح وترك الواجبات أقرب من العكس لقوة الدواعي إليه، ولهذا يكون فعل الذي يمنع منه السلاطين أكثر من الذي لم يمنع منه، ولهذا نهى عن التسعير، فإن الغلاء