للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا صحة دليلكم لكنه منقوض بعدم عصمة القضاة والأمراء والجيوش وبعدم وجوب نصب الإمام في كل بلد أو في كل قطر، ويكون ذلك الإمام غير قادر على إيصال النكبة بمن شاء من العصاة، وكيف شاء من غير أعوان وخدم، وبكونه غير قادر على الطيران، والاستتار عن العيون، وعلم الغيوب، فأنا نعلم بالضرورة أن حال الخلق عند عصمة القضاة والأمراء وتعدد الأئمة المعصومين، وعندما يكون ذلك الإمام قادرًا على ما شاء من الإساءة إلى العصاة مع علمه بالغيب أصلح مما إذا لم يكن كذلك، ولا يمكن دفع هذا باحتمال مفسدة فيها يعلما الله تعالى ولا نعلمها نحن لأن ذلك الاحتمال بعينه موجود فيما نحن فيه فكان يجب أن لا يجب.

ولو قيل: أنه وإن كان لطفًا لكنه لا يجب فهذا يبطل مقدمة دعواه وهي أن كل لطف واجب.

لا يقال: إن ما ذكرتم كله لطف مكمل وقد يجب أصل اللطف، دون اللطف المكمل، لأنا نقول: إذا كان دليلهما واحدًا يجب التسوية بينهما، فإن عمل في أحدهما وجب أن يعمل في الآخر وإلا ألغى فيهما اللهم إلا إذا أبدى معنى في أحدهما يوجب إلغاءه لكن الأصل عدمه.

يلمنا سلامته عن النقض، لكن لم قلتم أنه يجب أن يكون معصومًا؟

قوله: لو لم يكن معصومًا لافتقر إلى إمام آخر.

قلنا: لا نسلم بل الذي نسلم افتقاره إذ ذاك إلى لطف آخر لا إلى إمام آخر، وحينئذ نقول: لم لا يجوز أن يكون ذلك اللطف هو مجموع الأمة؟

وليس هو لطفًا لمجموع الأمة حتى يدفع ذلك بالدور بل هو لطف لكل واحد من الأمة، وحينئذ يجب عليهم إقامة الدلالة على أنه لا يجوز أن يكون مجموع الأمة لطفًا له، ولا يكفيهم في ذلك القدح في أدلة الإجماع، لأن ذلك ينفي الجزم بعصمتهم وكون إجماعهم حجة، لا احتمال كونه حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>