للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يقولوا بمقتضاه إلا إذا قطعوا بعدم دليل آخر أرجح منه لعلمهم أنهم إذا قالوا به لم يجز لهم الرجوع عنه وإن ظهر لهم دليل أرجح منه لزم الأمر الأول.

وإن قالوا بمقتضاه لزم الأمر الثاني؛ لأنه حينئذ لم يبق في الطلب والفكر فائدة، ضرورة أنه لا يجوز الرجوع عنه بحال.

وجوابه: أن طلب أدلة الحكم والفكر فيها بعد الحكم به، إن كان لاحتمال أن يوجد فيها ما يخالف الدليل الأول وهو أرجح منه، أو يوجد فيها وجه استدلال يخالف الاستدلال الأول وهو راجح، فهذا محال، لأن مجموع الأمة معصوم عن الخطأ فيستحيل منهم الحكم بالدليل المرجوح مع وجود الدليل الراجح لأن ذلك إن كان مع العلم به فظاهر، وإن كان مع الجهل به فكذلك، لأنه لا يجوز ذهولهم عن الحق فسد هذا الباب سد باب العناء وهو غير محذور، وإن كان الطلب والفكر لأغراض أخر نحو الظفر على ما يقوى ذلك الحكم من الدليل، أو وجه الاستدلال، فهذا ممكن الحصول لكن من المعلوم أن عدم اعتبار انقراض العصر لا يسد هذا الباب.

وتاسعها: أن الحكم الذي اتفقوا عليه إن كان دليله قطعيًا، فلا يعتبر فيه انقراض العصر، وإن كان ظنيًا وجب أن يعتبر فيه ذلك، وإلا لزم أن يقال الاجتهاد مانع من الاجتهاد، والحجر على المجتهد في أن لا يتغير اجتهاده.

وجوابه: منع لزوم ما ذكروه، وهذا لأن مجرد الاجتهاد السابق لا يمنع من الاجتهاد الثاني، وإنما يمنع منه اتفاقهم على مقتضاه، فإنه يصير إذ ذاك الحكم قطعيًا، [فلا يسوغ فيه الاجتهاد بعد ذلك، وكذا لا يلزم حجر المجتهد في أن لا يتغير اجتهاده، وإنما يلزم حجره عن العمل بمقتضى اجتهاده

<<  <  ج: ص:  >  >>