واحتج الجماهير: بأن الأدلة الدالة على كون الإجماع حجة، إما المنقول، وإما المعقول.
أما المنقول: فوارد بلفظ المؤمنين، والأمة، وهما متناولان للكل بطريق الحقيقة لا غير، وليس المؤمنون منحصرين في أهل المدينة، والحرمين والمصرين حتى يكون إجماعهم إجماع كل الأمة، فإنه لو فرض كذلك ليست المسألة مسألتنا، لأنا حينئذ نساعدكم على أن إجماعهم إذ ذاك حجة، وإذا كان كذلك فلا يكون إجماعهم حجة ضرورة أنهم بعض المؤمنين حينئذ، وإجماع البعض ليس بحجة.
وأما المعقول فهو أيضًا: لا إشعار له بخصوصية أهل المدينة دون مدينة على ما عرفت ذلك منه، وحينئذ يلزم أن لا يكون إجماعهم حجة.
وهذا المسلك ضعيف؛ لأنه لا يلزم من عدم دلالة دليل معين على المطلوب عدمه، لجواز أن يكون له دليل آخر، وأدلة الإجماع وإن لم تثبته لكن لا شك في أنها لا تنفيه إلا بطريق مفهوم العدد الذي هو ضعيف لم يقل به محصل.
وإذا كان كذلك، فالأولى أن تحرر الدلالة هكذا: وهو أنه لو كان إجماعهم حجة فإما أن يكون ذلك لدليل، أو لا لدليل، والثاني باطل؛ لأن القول في الدين بغير دليل باطل، فيتعين أن يكون لدليل [وهو إما أدلة الإجماع، أو غيرها، والأول باطل، لأنه لا دلالة لها على المطلوب]