والأول مسلم والثاني ممنوع؛ وهذا لأن من يجوز ذلك مع القول بأن الأمة معصومة عن الخطأ يمنع أن يكون ذلك خطأ عند الاتفاق فتكون دعواه دعوى محل النزاع.
قلت: القول في الدين بغير دليل وأمارة باطل قطعًا في الأصل ولذلك لو لم يحصل الإجماع عليه كان ذلك باطلاً وفاقًا، والإجماع لا يصير الباطل حقًا بل غاية تأثيره أن يصير المظنون مقطوعًا به.
وأيضًا: إما أن يقال: كل مجتهد مصيب، أو يقال المصيب واحد فعلى الأول الحكم يتبع الاجتهاد، فحيث لا اجتهاد لا حكم يعتبر، فما حكموا به من غير اجتهاد غير معتبر، فيكونون مخطئين فيه، إذ لا نعني به إلا أنهم أثبتوا حكمًا غير معتبر، وعلى الثاني المصيب هو الذي صادف ذلك الحكم بناء على طريق، بدليل أنه لو أصاب ذلك الحكم بطريق الاتفاق فإنه غير مصيب وفاقًا، والمجموع ينتفي بانتفاء أحد جزئيه، فتنتفي الإصابة حيث لا طريق فيكون خطأ، ولا يمكن جعل الإجماع طريقًا إليه، لأنه متأخر عن التأدية، التي هي متأخرة عن الاجتهاد، الذي هو متأخر عن الطريق، فلو كان طريقًا إليه لزم تقدم الشيء على نفسه بمراتب وهو محال.
وثانيها: أن الأمة ليسوا بآكد حالاً من النبي المعصوم، لأن عصمتهم مستفادة من عصمته، فإذا لم يجز للنبي - عليه السلام - أن يحكم من غير دليل لم يجز للأمة ذلك أيضًا بل أولى.
لا يقال: أن ذلك لدليل آخر [نحو] قوله تعالى: {وما ينطق عن