ومن حيث أنه مجمع عليه بالضد من هذه الأحكام، فلو جاز حصول الإجماع عنه لزم حصول هذه الأحكام فيه، وأنه جمع بين الأحكام المتنافية فلا يجوز.
وجوابه: أن الأحكام المترتبة على الاجتهاد مشروطة بأن لا تصير المسألة إجماعية، فإذا صارت إجماعية زالت تلك الأحكام لزوال شرطها.
سلمنا أنها غير مشروطة به، لكنه منقوض بالإجماع الصادر عن خبر الواحد، فإن جميع ما ذكروه ثابت فيه بعينه مع أنه يجوز ذلك وفاقًا.
ورابعها: أن الإجماع أصل من أصول الأدلة، وهو معصوم عن الخطأ، والغلط والقياس فرع وعرضة للخطأ والغلط، فلا يجوز إسناده إليه.
وجوابه: أنه إن عنى بقوله: أنه أصل من أصول الأدلة، أي هو دليل بنفسه من غير إسناد إلى شيء آخر فهذا باطل، بل حجيته مستفادة من الكتاب والسنة كالقياس، وهو محتاج إلى دليل في انعقاده في آحاد الصور لما تقدم أنه لا يجوز أن ينعقد عن تبخيت.
وإن عنى به أنه أصل بالنسبة إلى الأحكام الفرعية فهذا مسلم، لكن القياس أيضًا أصل بهذا المعنى، وإنما هو فرع الكتاب والسنة، والإجماع أيضًا كذلك.
وأما قوله: القياس عرضة للخطأ والغلط.
قلنا: إن عنيتم به: أنه كذلك قبل الإجماع على القول بمقتضاه فهذا مسلم، لكن لم قلتم أنه لا يجوز إسناد الإجماع إليه فإن هذا أول المسألة.