كما إذا نقله صريحًا دون عدد التواتر، وهؤلاء لا يخصصون حجية الإجماع بشرعنا، ولا يشترطون أن يكون المجمعون مجتهدين، بل يزعمون أن اتفاق الخلق الكثير الذي يستحيل تواطؤهم على الكذب حجة من أي ملة كانوا وكيف كانوا، لكنك قد عرفت ضعف دليلهم على الأصل الذي بنوا عليه اشتراط عدد التواتر في المجمعين.
فإن قلت: فعلى رأي الأكثرين هل يشترط أن يكون المجمعون جمعًا أو لا يشترط ذلك حتى لو كان الباقي واحدًا من الأمة والمؤمنين أو من المجتهدين كان قوله حجة؟
قلت: اختلفوا فيه:
فذهب الأكثرون منهم إلى أنه حجة وهو مختار الأستاذ أبي إسحاق - رحمه الله - لأنه إذ ذاك سبيله/ (٤٥/ أ) سبيل المؤمنين وسبيل الأمة فخالفه مخالف لسبيل المؤمنين فيدخل تحت الوعيد ولا نعني بكونه حجة سوى هذا، ولأن المقصود إنما هو عصمة الزمة والمؤمنين لا عصمة عدد مخصوص فإذا لم يبق منهم إلا واحد كان معصومًا عن الخطأ غير ذاهل عن الحق فكان قوله حجة.
ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكون حجة؛ لأن لفظ المؤمنين والأمة وإن لم يشعر باعتبار عدد التواتر لكنهما يشعران إشعارًا ظاهرًا باعتبار عدد الجمع، فإذا لم يبق عدد الجمع لم تكن الأدلة الواردة فيهما دالة على حجيته إلا على وجه التجوز، وأنه خلاف الأصل، لا سيما في هذا المقام؛ لأنه أريد منهما الحقيقة، فلو أريد منهما التجوز أيضًا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وأنه غير