للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون ذلك الوضع مجازا لغويا لا يخرج ذلك اللفظ بسببه عن أن يكون عربيا، وإن عنيت به الثاني: فمسلم، لكنه لا يفيد المطلوب، لأن إفادة تلك الألفاظ لتلك المعاني، وإن كانت بالوضع الشرعي عندنا لكن بطريق التجوز من اللغة.

وأما قوله: في الدلالة عليه، وإن كون اللفظ عربيا وصف حاصل له لإفادته المعنى بحسب وضعهم.

قلنا: لا نسلم، وهذا لأن اللفظ المقيد للمعنى المجازي عربي مع أن إفادته إياه ليس بوضعهم على رأي.

سلمنا: ذلك، لكن تعني به الوضع الذي يعم الحقيقة والمجاز، أو المختص بالحقيقة، فإن عنيت الأول: فمسلم، لكن لا نسلم أنه غير حاصل فيما نحن فيه، وإن عنيت الثاني: فممنوع، وما ذكرته من الدلالة لا يدل عليه إذ لا يلزم من نفي القسمين المذكورين، ثبوت هذا القسم لجواز أن يكون ذلك الوصف حاصلا له بالوضع الذي يعم الحقيقة والمجاز.

فإن قلت: الدليل على أنه غير حاصل، هو أن وضع اللفظ للمعنى سواء كان بطريق الحقيقة أو التجوز متوقف على تعقل ذلك المعنى، ولما لم تكن تلك المعاني معقولة لهم استحال منهم الوضع لها.

قلت: لا نزاع أن وضع اللفظ لمعنى يستدعي تعقله، لكن إن كان ذلك الوضع لخصوصية تستدعي تعقله بخصوصيته، وإن كان ذلك الوضع له باعتبار ما يستدعي تعقله بذلك الاعتبار لا غير، وإذا كان كذلك فالوضع لتلك المعاني بطريق التجوز على وجه الإجمال متصور منهم، بل هو حاصل، فإنه لما علم منهم، أنهم وضعوا الصلاة مثلا للدعاء، وعلم منهم جواز تسمية الشيء باسم جزئه على وجه التجوز إما نصا أو استقراء، وعلم أيضاً أن

<<  <  ج: ص:  >  >>