للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من فصل بين ما يكون بعد استقرار الرأي وبين ما يكون قبله، فقال بحجية الأول دون الثاني.

فأما ما تتوقف صحة الإجماع على صحته كصحة النبوة، وما يتوقف صحتها عليه كوجود الصانع، وكونه غير موجب بالذات، وكونه عالمًا بكل المعلومات، فلا يمكن إثباته به لأنه يلزم الدور وهو ممتنع.

فإن قلت: ما ذكرتم من أنه يمكن إثبات نفي الشريك بالإجماع [بناء على أن صحة النبوة لا تتوقف عليه فلا تتوقف صحة الإجماع] عليه ممنوع؛ وهذا لأن القائلين بالشريك منهم من يثبت إلاهًا هاديًا خيرًا، وإلاهًا مضلاً شريرًا، وحينئذ يحتمل أن يكون الإله المضل خلق المعجزة على يد المتنبئ ليضل الناس، فلا تدل المعجزة على صدق مدعي النبوة إلا بعد نفي هذا الاحتمال، فحينئذ تتوقف صحة الإجماع على نفي [هذا] الاحتمال فلا يمكن إثباته به لما ذكرتم.

قلت: احتمال خلق المعجزة على يد المتنبي للتضليل بعينه قائم على تقدير أن يكون الإله واحدًا؛ لأنه لا يتطرق إلى أفعاله التحسين والتقبيح فجاز أن يخلق المعجزة على يد المتنبئ للتضليل، فما هو جواب المعترض في هذه الصورة فهو بعينه جوابنا في صورة الشريك، وليس ذاك إلا أن هذا وإن كان جائزًا لكنا نقطع بانتفاء هذا الاحتمال، ونضطر إلى العلم بتصديقه وهو بعينه قائم في صورة الشريك. فلا تتوقف دلالة المعجزة على التصديق على نفي احتمال الشريك المضل فيمكن إثباته بالإجماع، وفيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>