أحدهما: أن ترجح حصوله حيث حصل على لا حصوله حينئذ ترجح لأحد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو محال.
وثانيهما: أنه حينئذ لا يمكن القطع بأن التواتر يفيد العلم لا محالة بل يجري حصوله عقيبه مجرى الأمور الاتفاقية، وما يكون كذلك امتنع الحكم عليه بكونه مفيدا، وإنما قلنا: إنه لا يجوز أن يحصل بصفة الوجوب؛ لأن المستلزم له حينئذ إما: قول كل واحد منهم أو قول المجموع، والأول باطل.
أما أولا: فبالاتفاق، لأن قول الواحد لا يفيد العلم عند الخصم أيضا من الأفراد المتعاقبة لزم ما تقدم من المحذور وزيادة وهي قيام الصفة الموجودة.
وأما ثانيا: فلأنا نعلم بالضرورة أن قول الواحد الغير المعصوم الذي لم تحتف به قرينة لا يفيد العلم.
وأما ثالثا: فلأن تلك الإخبارات إن وجدت دفعة واحدة لزم اجتماع المؤثرات الكبيرة على الأثر الواحد / (٥٥/أ) وهو ممتنع، وإن وجدت على التعاقب لزم نقض العلة العقلية وهو محال؛ لأنه إذا حصل العلم بالسابق استحال حصول ذلك العلم بعينه باللاحق لاستحالة إيجاد الموجود، واستحال أيضا وجود مثله به؛ لاستحالة الجمع بين المثلين، وحينئذ يلزم أن يبقى اللاحق خاليا عن الاستلزام وهو المطلوب، والثاني أيضا باطل؛ أما أولا: فلأنه إن اشترط في ذلك حصول تلك الإخبارات دفعة واحدة لزم خلاف الإجماع؛ لأن كل من يقول الخبر المتواتر يفيد العلم لا يفرق بين أن يوجد دفعة واحدة أو على التعاقب بل الغالب فيه التعاقب، فالقول بأنه يفيد العلم ويشترط في إفادته العلم حصوله دفعة واحدة قول لم يقل به أحد، وإن لم يشترط فيه ذلك لزم جواز إسناد الأثر الوجودي إلى المعدوم؛ إذ ليس للمجموع وجود عند حصول الأثر على تقدير حصوله على وجه التعاقب لكن ذلك محال.
وأما ثانيا: فلأن المستلزمية نقيض اللا مستلزمية التي هي عدمية فكانت