إفادته العلم، وبين اعتقاد عدم إفادته العلم، ونحن إنما ادعينا ذلك بالنسبة إلى الأولين دون الآخرين.
وعن الثاني ما تقدم من أن العاقل الذي لم يعتقد شيئا من الآراء والمذاهب فإنه لا يجد من نفسه تفاوتا بين ما شاهده، وبين ما سمع وجوده بالتواتر كما تقدم تمثيله في العامي، وأما كون ضرورته مختلفا فيها فذلك لا يدل على أن الجزم به ليس كالجزم في المشاهدات؛ لجواز أن يكون أصل الشيء معلوما بالضرورة بحيث يكون الجزم به مساويا لضروريات أخر ولا يكون وصفه كذلك.
وكون ذلك العلم ضروريا أو نظريا كيفية من كيفيات ذلك العلم فجاز أن يكون الجزم به دونه.
وعن الثالث: إنا نختار أنه يفيد العلم الضروري، وسنجيب عن أدلة القائلين بأنه نظري.
وعن الرابع: أنا لو سلمنا أنه أقوى، فإنما كان أقوى، لأنه بديهي والعلوم البديهية لا تقبل احتمالا ما لا بحسب العادة، ولا بحسب العقل، بخلاف العلوم العادية فإنه وإن لم تحتمل احتمالا ما بحسب العادة، لكنها تحتمل بحسب العقل، والعلم الحاصل عقيب التواتر إنما هو بحسب العادة فإن الله تعالى أجرى عادته بخلقه عقيبه وبه خرج الجواب عن / (٥٦/أ).
الخامس: فإن احتماله النقيض بحسب العقل لا يقدح في يقينيته العادة فحينئذ يمنع أنه ليس بيقيني فما هو مثله يكون أيضا كذلك.
وعن السادس: أن حكم المجموع المركب من الأفراد قد يكون مخالفا لحكم تلك الأفراد والعلم بذلك ضروري بعد الاستقراء.