للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن كل واحد يعلم بالضرورة أن علمه بوجود مكة وبغداد أقوى وأجلى من علمه بالمقدمات التي يستفاد منها هذا العلم على رأي القائلين بأنه نظري، وبناء القول الجلي على الضعيف غير معقول.

ورابعها: لو كان نظريا لوجب أن لا يحصل عند الإضراب عن تحصيله والاعتراض عن النظر في مقدماته، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه ضروري.

واعترض عليه بما سبق، وهو ها هنا أضعف؛ لأن النظري الذي يستفاد من المقدمات الضرورية لا بد فيه من توجيه الذهن إلى وجه استنتاجه عنها؛ لأن وجه الاستنتاج غير حاصل بالضرورة.

وخامسها: لو كان نظريا لما اتفق العقلاء عليه؛ لأنه كما يستحيل اختلاف العقلاء في الضروريات يستحيل اتفاقهم في النظريات عادة ولما اتفق العقلاء عيه سوى شذوذ من الناس إما عنادا، وإما خطأ كما في المحسوسات علمنا أنه ليس بنظري.

واحتج القائلون بأنه نظري بوجوه:

أحدها: وهو ما ذكره أبو الحسين البصري وهو: أن الاستدلال عبارة عن ترتيب علوم أو ظنون يتوصل بها إلى علوم أو ظنون أخر فكل اعتقاد توقف وجوده على ترتيب اعتقادات أخر، فهو استدلالي، والعلم الواقع بخبر التواتر هذا سبيله؛ لأنا لا نعلم وجود ما أخبرنا أهل التواتر عنه إلا إذا علمنا

<<  <  ج: ص:  >  >>