للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبوا إلى اشتراطه، لزعمهم أنه لو لم يكن فيهم منهم لم يؤمن تواطؤهم على الكذب لغرض من الأغراض، بخلاف ما إذا كان فيهم منهم فإن خوف / (٦٢/أ) مؤاخذتهم بالكذب يمنعهم عنه ويؤمن التواطؤ.

وإنما ذهبوا إلى اشتراطه كيلا يثبت بالتواتر نقل معجزات نبينا وعيسى - عليهما السلام -؛ إذ ليس في ناقليها أهل الذلة والمسكنة؛ ضرورة أنه ليس في ناقليها أحد من اليهود، وهم أهل الذلة والمسكنة للآية، وهو باطل.

أما أولا: فلأنهم إن عنوا بأهل الذلة والمسكنة أنفسهم فكأنهم قالوا: لا يحصل التواتر ما لم يكن في الناقلين أحد من اليهود، وبطلان هذا القول [من حيث] خلوه عن وجه مخيل وتحكمه لا يخفى على أحد.

وإن عنوا به الفقراء والأخساء، والمساكين الضعفاء، الذين لا مطمع لهم في حصول الشرف والغنى فهذا لو سلم لكن لا يلزم منه حصول غرضهم؛ لأنه وجد في ناقلي معجزاتهما منهم كثير.

وأما ثانيا: فلأنا نعلم أن استنكاف الأكابر والأشراف لشرفهم [وعظم مرتبتهم فيما بين الناس عن الكذب أكثر من استنكاف] من لا يعرف.

ولا يذكر من الضعفاء والأخساء، فكان حصول العلم بخبرهم أولى وأجدر.

وأما ثالثا: فلأن ما ذكروه من العلة إنما يتأتى فيما إذا كان المنقول

<<  <  ج: ص:  >  >>