وأهمل التثنية، ونقل الآخرون التثنية وأهملوا الإفراد، لعلمهم أن التساهل في هذا هين لكونه لا يتعلق به أصل من أصول الدين لا نفيا ولا إثباتا، مع أن كلا من الفريقين سمع الإفراد والتثنية معا؛ إذ يبعد عادة احتمال اختصاص أحد الفريقين بسماع أحد الأمرين بعينه دائما، والآخر بسماع الأمر الآخر بعينه دائما حتى يقال أن كون كل واحد من الفريقين نقل ما سمع.
وثانيهما: أنهم إنما لم يهتموا بنقلها، لما عرفوا أن [هذه المسألة من الفروع التي لا يوجب الخطأ فيها كفرا ولا بدعة ولما لم] يهتموا به وتساهلوا الأمر فيه نسوا ما سمعوه في زمن الرسول - عليه السلام - لا سيما وكانوا مشتغلين بالحروب العظيمة ثم الذين سمعوا ذلك انقرضوا فصارت الرواية من باب الآحاد.
وأما الجهر بالتسمية فعنه أيضا جوابان:
أحدهما: نحو ما سبق وهو أن فعله عليه السلام فيه كان مختلفا.
وثانيهما: أنه عليه السلام ربما كان يخفي صوته في ابتداء القراءة، ثم يعلو صوته على التدريج فالقريب منه كان يسمع الجهر بالتسمية دون البعيد فنقل بعضهم الجهر دون الباقين.
وأما دخوله عليه السلام مكة عنوة أو صلحا فالجواب عنه: أن / (٧١/أ) دخوله عنوة نقله الجمع الكثير والجم الغفير، وهو مستفاض مشهور، وإنما خالف بعضهم فيه لشبهة، وهي أنه - عليه السلام - أمر بأداء دية من قتله خالد بن الوليد، ولا يبعد ذلك من الآحاد، فإن الضروريات قد تنكرها