ولا يدفع ذلك بما قيل: إن ذلك للذكران فلا يجوز صرفه إلى إقامة الصلاة، وهي من جملة المذكورات، لأن المذكور في ضمن الفعل هو المصدر، وهو غير لازم أن تكون تلك اللفظة لجواز أن يكون بلفظ إقامة الصلاة.
وأما الثاني:
فلأن ذلك "إنما يكون" بطريق الإضمار، لأنه غير مذكور، وأنه خلاف الأصل. ولئن سلم جواز إضماره لكن ليس إضماركم هذا أولى من إضمارنا الإخلاص، ويكون لمعنى على هذا التقدير، وذلك الإخلاص دين القيمة، وعليكم الترجيح، لأنكم المستدلون. ثم هو معنا لوجهين:
أحدهما: أن الإخلاص مذكور بالتضمن، فإن قوله تعالى:{مخلصين} دل عليه كذلك، بخلاف إضماركم وهو كل ما أمرتم به.
وثانيهما: أن إضمارنا لا يؤدي إلى تغيير اللغة، وإضماركم يؤدي إليه، فكان إضمارنا أولى، إذ التغير، والنقل، خلاف الأصل.
فإن قلت: ما ذكرتم وإن دل على أن إضماركم أولى، لكن عندنا ما يدل على أن إضمارنا أولى. وهو من وجوه:-
أحدها: أن المقصود من الآية، بيان أن ما أمروا به هو دين القيمة، فلو كان الإخلاص وحده دين القيمة، لما كان في ذكر ما عداه في هذه الآية فائدة، بل ربما يكون مخلا بالمقصود، لأنه لا/ (٤٥/أ) أقل من أن يوهم أن المجموع دين القيمة.