وثانيها: أنه مجهول الحال فلا تقبل روايته؛ دفعا لاحتمال مفسدة الكذب كالشهادة في العقوبات.
وهو أيضا ضعيف؛ لأن احتمال الكذب غير مانع من القبول وإلا لما قبلت رواية من اختبرت عدالته؛ ضرورة أن احتمال الكذب فيه أيضا.
وأما القياس على الشهادة في العقوبات لو سلم الحكم فيها فغير صحيح؛ لأن الشهادة يحتاط فيها ما لا يحتاط في الرواية لا سيما في العقوبات، والاختلاف في الحكم دليل على الاختلاف في الحكمة، ومع الاختلاف في الحكمة لا يصح القياس.
وثالثها: أن قول المفتي إنما يقبل لو عرف بالاختبار بلوغه رتبة الاجتهاد، فكذا الراوي إنما تقبل روايته لو عرف بالاختبار عدالته.
والجامع: أن الاجتهاد شرط قبول الفتوى، والعدالة شرط قبول الرواية.
وهو ضعيف أيضا؛ لأن الاجتهاد إنما يعتبر في المفتي؛ لأنه لا طريق إلى الإصابة في الفتوى إلا به، ولا طريق إلى حصوله إلا بالاختبار؛ إذ ليس له سبب ظاهر ليستدل بحصوله على حصوله، بخلاف العدالة في الرواية فإنها إنا تعتبر بظن الصدق، وظن الصدق حاصل بالإسلام والسلامة عن الفسق ظاهرا، إذ الإسلام سبب ظاهر للمنع من الإقدام على الكذب فيستدل بحصوله على الامتناع من الكذب فيحصل ظن الصدق.
ورابعها: أجمعنا على أنه لما كان الصبا والرق والكفر، وكونه محدودا في القذف مانعا من الشهادة: لا جرم اعتبر في قبول الشهادة العلم بعدم هذه الأشياء ظاهرا فكذا الأمر في العدالة.