بالمشروط، ترك العمل به فيمن عرف حاله بالاختبار لقوة الظن فوجب أن / (٩١/أ) يبقى فيما عداه على الأصل.
واحتج الخصم بوجوه:
أحدها: قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية.
ووجه الاستدلال به: هو أنه تعالى علق الأمر بالتبين بالفسق، والمعلق عدم عند عدم المعلق عليه، فينتفي وجوب التبيين عند عدم العلم بالفسق، وعند ذلك إما يجب القبول وهو المطلوب، أو يجب صريح الرد وهو باطل؛ أما أولا: فبالاجماع.
وأما ثانيا: فلأن مستور الحال لا يكون أسوأ حالا من الفاسق، فإذا وجب التثبت والتبيين في خبره فلو وجب صريح الرد في خبر المستور لزم أن يكون أسوأ حالا منه وهو باطل قطعا.
وجوابه: أن الأمر بالتبيين غير معلق بمجيء من يعلم فسقه حتى يلزم انتفاؤه عند عدم العلم به بل هو معلق بمجيء الفاسق، فعلى هذا إنما ينتفي وجوب التبيين بطريق مفهوم الشرط عند عدم الفسق، وهو إنما يتحقق بالعلم بعدمه الذي لا سبيل إليه إلا بالاختبار والبحث عن حاله، لا بعدم العلم به، وفرق بين العلم بعدم الشيء وبين عدم العلم به.
فالحاصل في مستور الحال إنما هو عدم العلم بفسقه، لا العلم بعدم فسقه فليس في الآية دلالة بطريق المفهوم على قبول روايته بل فيها دلالة على عدم قبول روايته على الوجه الذي قررناه.