ورابعها: وهو الأقوى: أنا نعلم بالضرورة مما نقل الينا من أحوال الصحابة وسيرهم ومجاري عادتهم أنهم ما كانوا يكتبون الأخبار التي رووها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما كانوا يكررونها ولا يدرسونها إلا / (١٠٦/أ) في المجلس الذي سمعوها منه، ولا في غيره كما كانوا يكتبون ويكررون ألفاظ القرآن، بل كما سمعوها تركوها، ثم أنهم ما رووها إلا بعد الأعصار والسنين عند وقوع الوقائع، وذلك يوجب القطع بتعذر روايتها على تلك الألفاظ من غير تقديم وتأخير.
وخامسها: أنه يجوز شرح الشرع للعجم بلسانهم إجماعا، فإذا جاز إبدال العربية بالعجمية، فبأن يجوز إبدال العربية بأخرى أولى؛ لأن التفاوت بين العربية وترجمتها بالعربية أقل من التفاوت بين العربية وترجمتها بالعجمية.
وفي هذه الدلالة نظر؛ لأن ذلك الشرح والنقل جار مجرى الافتاء، فليس فيه ما يتعلق بنظر واجتهاد، بخلاف رواية الإخبار فإنه يتعلق بها اجتهاد المجتهدين، واختلاف الألفاظ مظنة لاختلاف المعاني، فجاز أن يمنع منه بناء