والإيقاف / (١١٢/أ) ومقابلتهما في أزمنة متقاربة، فأما إذا أرسله أو أوقفه زمانا طويلا، ثم أسنده أو أرسله بعد ذلك فإنه يبعد أن ينسى ذلك الزمان الطويل كله ثم يتذكره فيبعد جعله مسندا ومتصلا اللهم إلا أن يكون له كتاب يرجع إليه فيذكر ما قد نسيه في ذلك الزمان الطويل.
الفرع الرابع: من دابه إرسال الأخبار إذا أسند خبرا، هل يقبل أم لا؟
اختلف فيه: من لم يقبل المراسيل فكثير منهم قبله؛ لأن إرساله يختص بالمراسيل دون المسند فوجب قبوله.
ومنهم من لم يقبله وزعم أن إرساله يدل على أنه إنما لم يذكر الراوي لضعفه فستره له والحالة هذه خيانة فلا يقبل خبره.
وهو ضعيف؛ لأنه يحتمل أنه إنما أرسل فيما أرسل لأنه سمعه مرسلا، أو لقوة ظنه فيها لصدق الرواة، أو لأنه وجد فيها بعض ما سبق من المقويات، أو لأنه آثر الاختصار في الأكثر، ومع هذه الاحتمالات لا يمكن الحمل على الخيانة.
نعم لو علم ذلك من عادته لم يقبل مرسله وسنده إجماعا.
ثم اختلف من قبل حديث المرسل، إذا أسنده كيف يقبله؟ فقال الشافعي - رضي الله عنه -: "لا يقبل من حديثه إلا ما قال فيه: حدثني أو سمعت فلانا، ولا يقبل إذا أتى بلفظ موهم محتمل لغير السماع منه كأخبرني أو عن فلان" وقال بعض المحدثين: "لا يقبل منه إلا إذا قال: سمعت فلانا" محدثين للمشافهة عندهم، وأخبرني متردد بين المشافهة، والإجازة وبين أن كتب إليه، ولعل هذا اصطلاح منهم، وإلا فمن جهة اللغة لا يظهر هذا الفرق.