على الرواية فليس له أن يروي عنه؛ لأن شرط الرواية السماع أو ما يجري مجراه وهو غير حاصل فيه فلا يجوز لعدم شرطه، وإنما يجوز للشيخ ذلك إذا علم أن النسخة المشار إليها هي النسخة التي سمها بعينها، أو علم موافقتها لها بالمقابلة المتقنة فأما إذا [لم] يعلم ذلك لم يجز له ذلك، فعلى هذا إذا سمع الشيخ نسخة من كتاب البخاري مثلًا فليس له أن يقول النسبة إلى نسخة أخرى منه إلا بالشرط المتقدم، أولًا لأن النسخ تتفاوت، فعلى هذا لا ينبغي أن يروي إلا ما يقطع بسماعه وحفظه وضبطه إلى وقت الأداء بحيث يقطع أن ما أداه هو معنى ما سمعه من غير تفاوت أصلًا، فإن شك في شيء من ذلك لم تجز له الرواية.
فإن قلت: فلو لم يقطع بالسماع، ولا هو متشكك [فيه بمعنى أنه متردد فيه ترددًا على السواء لكن] على ظنه السماع، أو إن كان قاطعًا بالسماع لكن لم يقطع الشيخ الذي سمع منه بل يغلب على ظنه أنه سمعه من معين فهل يجوز له روايته عنه أم لا؟
قلت: اختلفوا فيه:
فمنهم من لم يجوز روايته، ولا العمل به؛ لأنه حكم على المروي عنه بأنه حدثه فلا يجوز مع عدم العلم كما في الشهادة فإنه إذا ظن أن زيدًا أقر أو باع أو نكح وغيرها من/ (١١٦/ أ) التصرفات ولم يقطع به فإنه لا يجوز أن يشهد لعليه بذلك، وهذا إنما يستقيم إذا رواه مسندًا.
فأما إذا رواه مرسلًا فينبغي أن يجوز فيما إذا قطع بالسماع ممن يقبل روايته على رأي من يقبل المرسل منهم.
فإما إذا ظن أصل السماع فلا كما لا يجوز روايته مسندا إذا ظنه سنداً