فالحاصل من كلامه أن المقدمة الأولى إذا كانت قطعية- وهو كون الحكم معللًا بالعلة الفلانية والظن إنما هو في الثانية، فليس هو من قبيل القياس المختلف فيه، وكلام الإمام يقتضي أن الكل في محل الخلاف.
تنبيه
أعلم أنه [إن] أريد تحقيق المناط ما كان المناط معلومًا فيه من غير نظر من المجتهد، وإنما نظر المجتهد فيه في تحققه في الصور التي يراد إثبات الحكم فيها على ما أشعر به ظاهر كلامه فليس نتصور وجوده في تنقيح المناط وتخريجه؛ ضرورة أن للمجتهد نظرًا في نفس المناط فيهما إما بتعيينه أو تخريجه.
وإن أريد به ما يكون النظر في تحققه في الصور التي يراد إثبات الحكم فيها سواء كان المناط معلومًا من غير نظر من المجتهد كما في تحقيق المناط على التفسير الأول.
أو لا يكون معلومًا كذلك بل بالنظر والاستدلال كما في تنقيح المناط، أو مظنونًا كما في تخريج المناط فهو من لوازمهما لا يتم كل واحد منهما بدونه.
وكذلك إن أريد بتنقيح المناط ما يكون السبب معلومًا بالنص، أو بإيمائه، أو إجماع، وإنما نظر المجتهد فيه في تعيينه بحذف غيره من العوارض المختلفة بطريق قطعي فهو أيضًا مباين لهما، وإن أريد به ما يكون النظر فيه في تعيين السبب سواء كان السبب مستنبطًا أو لم يكن وسواء كان الحذف بطريق قطعي أو لم يكن بطريق قطعي فهو لازم لتخريج المناط وتحقيقه على التفسير الثاني، أما تخريج المناط فغير لازم لهما لأن الخاص لا يلزم العام، فهذا تمام الكلام في المقدمة.