للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عارض القاطع كان الظني متروكًا غير معمول به فكان العمل بالقياس حينئذ يكون باطلًا، وهذه وما يأتي بعدها حجج من عم المنع في كل الشرائع.

وثالثها: أن القياس في حجيته في الدوام فيما يتمسك به من المسائل يحتاج إلى أن الأصل في كل أمر بقاؤه على ما كان عليه وهو ظاهر، وحينئذ نقول: الحكم المثبت بالقياس إن كان نفيًا على وفق استصحاب كان في الاستصحاب غنية عنه، فلم يكن في إثبات حجيته فائدة بل هو عبث، وإن كان إثباتًا على خلاف حكم الاستصحاب لم يجز إثباته بالقياس؛ لأن أصل القياس يقتضي نفيه، وإذا وقع التعارض بين الأصل والفرع كان راجحًا على الفرع.

لا يقال: هذا يقتضي نصب الأدلة المختلفة على مدلول واحد لأنا لا نسلم ذلك؛ وهذا لأن ما ذكرناه من الدليل لا ينفي نصب الدليلين إذا كانا مستقلين لا يحتاج أحدهما إلى الآخر، بل إنما ينفي نصب دليلين أحدهما مستقل بالإثبات غير محتاج إلى الآخر، والآخر محتاج إليه وهو جزؤه فإن التمسك بالمحتاج تطويل من غير فائدة فكان عبثًا.

ورابعها: أن القياس الشرعي لا يتم حجة إلا إذا ثبت القول بالعلة الشرعية، لكن القول بالعلة الشرعية باطل على ما سيأتي فكان القول بالقياس باطلًا.

وخامسها: أن القياس قبيح فيقبح ورود التعبد به.

بيان المقدمة الأولى: أنه لا يفيد إلا الظن وهو ضد العلم الذي هو حسن وضد الحسن قبيح فيكون الظن قبيحًا، ومستلزم القبيح ومفيده قبيح فيكون القياس قبيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>