في الأمور الدينية، أو في الأمور الدنيوية، والذى في الأمور الدينية أعم من الذي لم ينص على علتها، أو من الذي نص على علتها، والدال على العام غير دال على الأفراد الداخلة تحته لما سبق، وليس في الصيغة ما يدل على العموم فيكفي في العمل به العمل بقياس واحد من أنواع الأقيسة لما سبق، وقد عمل بأنواع من الأقيسة نحو القياس القطعي والقياس الذي نص على العلة فيه، وقياس تحريم الضرب علي تحريم التأفيف، وقياس الفروع على الأصول في أنه لا يستفاد حكمه إلا من النص، فلا يبقى في النص دلالة على وجوب العمل بالقياس المتنازع فيه.
سلمنا أنه يوجد في الصيغة ما يدل على العموم لكن الحمل على العموم متعذر، لأنه يفضى إلى التناقض؛ لأن قياس الفرع على الأصل في الحكم يقتضي ثبوت الحكم في الفرع، وقياسه عليه في أنه لا يستفاد حكمه إلا من النص يقتضي عدم ثبوت الحكم فيه فلو حمل على العموم لزم ثبوت الحكم وعدمه في الفرع وأنه متناقض، ثم ليس تخصيصه بالنسبة إلى أحد القسمين لإبقاء الآخر مرادًا منه أولى من العكس، وعليكم الترجيح، لأنكم المستدلون، ثم أنه معنا، فإن قياسه عليه في أن لا يستفاد حكمه إلا من النص عمل بالاحتياط واحتراز عن الظن الذي "لا يغنى من الحق شيئًا".
سلمنا إمكان الحمل على العموم، لكنه غير محمول عليه إجماعًا إذ خص عنه بعض الأقيسة نحو القياس في الأحكام التعبدية، والأحكام المنصوصة، والقياس فيما تتعادل فيه الأمارات، والقياس فيما كلفنا فيه باليقين، وفي الأحكام المستفادة من تنصيص العبد مع التصريح بالتعليل كما إذا قال:"أعتنق غانمًا لسواده" أو "بع هذا العبد لسرقته" فإنه لا يجوز أن يقاس عليه العبد الآخر المشارك لهما في السواد أو في السرقة في جواز الإعتاق، أو البيع، والقياس فيما وجد فيه النص المقتضى عللًا خلاف حكم القياس فتكون الآية مخصوصة، والعام بعد التخصيص لا يبقى حجة على ما تقدم