علم بالضرورة، فإن من المعلوم بالضرورة أنه غير مشتمل على علم الهندسة والحاسبات، وكثير من الأحكام الظنية بل من الفرعية كتفاريع الحيض والنفاس، بل البيع والإجارة مع مسيس الحاجة إليهما.
فإن قلت: المراد من النص- إن شاء الله تعالى- أنه ليس شيء مما يحتاج إليه في الأمور الدينية ألا وهو مبين في الكتاب إما بصراحته أو بواسطة بيان مداركه، فعلى هذا خرج عنه العلوم الهندسية والحسابية والطبية؛ لأنها ليست من العلوم الدينية، وأما التفاريع الذي ذكرتم فلا نسلم أنه غير مبين فيه بل هو مبين فيه بواسطة؛ وهذا لأنه بين فيه وجوب الأخذ بقول الرسول والإجماع وأحكام تلك التفاريع مبين في السنة والإجماع فيكون مبينًا في الكتاب.
قلت: فحينئذ اندفع التناقض؛ لأن الكتاب لما دل على وجوب الأخذ بالسنة، والسنة دلت على وجوب الأخذ بالقياس، والقياس دل على الأحكام المثبتة به دل الكتاب على تلك الأحكام بهذه الواسطة، والمراد من عدم الواجدان في الكتاب عدم الوجدان بالصراحة ضرورة أن ما وجد في السنة والقياس وجد في الكتاب بالواسطة.
قوله: إنه يقتضي أنه عليه السلام سأله عما يقضي به بعد أن نصبه للقضاء وأنه غير جائز.
قلنا: لا نسلم؛ وهذا لأن المراد من قوله حين بعثه، أي حين عزم على بعثه، فإن إطلاق اسم السبب على السبب مجاز مشهور كثير لاستعمال.
سلمناه، لكن لا نسلم أنه غير جائز إذا كان على وجه التأكيد أو لتحصيل العلم بما أخبر به فإنه ليس الخبر كالعيان.