قلنا: إن [كل] من قال: إن المراد منه مدرك آخر غير النص والعقل والبراءة الأصلية قال: أن المراد منه القياس، فالقول بأن المراد منه مدرك آخر غير القياس قول على خلاف الإجماع فكان باطلًا.
قوله: المراد منه القياس القطعي، والذي نص على علته، وقياس تحريم الضرب على تحريم تأفيفه.
قلنا: النبي- علية السلام- إنما سكت عند قوله:"اجتهد رأيي" لعلمه بأن الاجتهاد واف بجميع الأحكام، وإلا لما سكت كما في ذكر الكتاب والسنة ولو حمل قوله (أجتهد رأيي) على ما ذكرتم من الأقيسة لم يكن ذلك وافيًا بأقل القليل منها، فإن القياس القطعي في الشرعيات في غاية القلة، والقياسان الباقيان وإن كانا أكثر منها لكنهما أيضًا قليلين لعلهما لا يفيان بإثبات عشر عشير الأحكام: فكان يجب أن لا يسكت الرسول علية السلام، ولما سكت دل ذلك على أنه واف وليس هو إلا القياس المطلق الشامل للظني والقطعي والمجلي والخفي، والمعنوي والشبيه، وهذا يصلح أن يكون جوابًا عن السؤال الذي قبل هذا السؤال وإن لم يذكره ثمة.
وعن الأخير ما سبق في المسلك الذي قبل هذا ويخصه: أنا نمنع أن إكمال الدين إنما يكون بالتنصيص على كليات الأحكام فقط بل هو بيان جميع ما يحتاج إليه في الدين، ثم البيان قد يكون بلا واسطة كما في التنصيص، وقد يكون بواسطة كما إذا بين المدارك للأحكام فلم قلتم: إنه لا يحصل ذلك إلا إذا كان البيان بلا واسطة؟ وحينئذ لا يكون إكمال الدين منافيًا للعمل بالقياس.
وثالثها: ما روى أن عمر- رضي الله عنه- سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن