العادة لهم؛ إذ عادتهم جارية بتعظيم نصوص الرسول- عليه السلام- واستعظام مخالفتها، وبشدة الفحص عنها والحث على نقلها وإشاعتها حتى نقلوا منها ما لا يتعلق بها غرض شرعي على ما هي كتب الأحاديث شاهدة بذلك، وذلك يوجب نقل ما يتعلق بالأحكام الشرعية المختلف فيها مع جري المباحثة والمفاوضة في تلك المسائل فيما بينهم بالطريق الأولى بل العادة تحيل كتمان نص دعت الحاجة إلى إظهاره في محل الخلاف عن الجمع الكثير مطلقًا فكيف عمن لا تأخذهم في الله لومة لائم ولو أظهروه لنقل واشتهر لما سبق ولو اشتهر لعرفه المحدثون والفقهاء وهذا ظاهر؛ لأنه لا معنى لاشتهاره إلا أن يكون مشتهرًا فيما بين العلماء، ولما لم يكن كذلك؛ لأنا لم نجد بعد البحث الشديد، والطلب التام من كتبهم، ولم نسمع من أحد منهم مع المخالطة معهم، والسؤال عنهم علمنا أنهم لم يقولوا بتلك الأقاويل بناء على النصوص, فإذا بطل ذلك وجب أن تكون تلك الأقاويل بناء على الأقيسة وذلك هو المطلوب، فثبت بهذه الروايات والاختلافات أن العمل بالقياس كان شائعًا ذائعًا فيما بينهم.
وأما أنه لم يصدر عن أحدهم الإنكار على ذلك فلأنه لو صدر لنقل؛ لأن القياس أصل عظيم في الشرع نفيًا وإثباتًا فلو أنكره أحد منهم وخالفه لنقل، ولأن توفر الدواعي على نقل الإنكار على مثل هذا الأصل العظيم والاختلاف فيه أكثر من نقله في المسائل الفرعية كما في العول، والربا، والاختلاف في مسألة الحرام، وغيرها فإذا نقل ذلك فهذا أولى، ولو نقل لاشتهر ولعرفه العلماء، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه لم يوجد الإنكار.
وأما أنه متى كان كذلك وجب أن يكون مجمعًا عليه فالدليل عليه: أن سكوتهم إما أن يقال: إنه كان لغير الرضا نحو الخوف، والتقية، أو النظر