المحذور فيه أكثر ونحن نعلم من حالهم أن كلما كان المنكر أعظم كان همهم لإزالته أشد، وإنكارهم عليه أكثر فهذا بأن يكون لنا أولى من أن يكون علينا، وأيضًا تعارض الكيفية بالكمية، فإن القياس وإن كان أصلًا عظيمًا لكن النزاع فيه نزاع في مسألة واحدة، والنزاع فيما خالفوا من المسائل نزاع في مسائل كثيرة، ونحن لا نسلم أنه بتلك الكيفية يصير أولى بعدم الإنكار من تلك المسائل بأسرها.
وأما أنه لا يجوز أن يكون للنظر والتروي؛ فلأن ذلك وإن كان محتملًا في أول الأمر لكنه خلاف الظاهر بعد انقضاء المدة المديدة، والأعصار الطويلة في مسألة واحدة لاسيما من جماعة عظيمة موفقين بالغين في الفطنة والذكاء.
وأما أنه لا يجوز أن يكون سكوتهم عن الإنكار لأن غيرهما أولى به؛ فلأنه إن لم يجوز السكوت لمثل هذا العذر، لأنه يفضى إلى التواكل فقد سقط هذا الاحتمال بالكلية، وإن جوز فكذلك؛ لأنه إن لم يحصل هناك واحد هو أولى بالإنكار كان اتفاقهم على هذا الاعتقاد وترك الإنكار اتفاقًا على الخطأ، وهو باطل وإن حصل فالظاهر إنكاره وإلا لزم اتفاقهم على ترك الإنكار وهو خطأ فلزم اتفاقهم على الخطأ أيضًا.
وأما أنه لا يجوز أن يكون لغيره من الاحتمالات نحو أن يقال: أنه كان في تواطئهم ما يمنع من إظهار الإنكار مع ظهور قرائن السخط عليهم [أو] أنهم كانوا ينتظرون فرصة التمكن ولا يرون المبادرة إليه مصلحة، أو لأنهم ربما ظنوا أنهم لو أنكروا لم يلتفت إليهم ولحقهم بسببه ذل لما تقدم، وأما امتناعهم عن ذلك لاحتمال أنهم يرون أن كل مجتهد مصيب فباطل أيضًا؛ أما أولًا: فلأن هذه المسألة ليست من المسائل الاجتهادية.
وأما ثانيًا: فلأن ذلك يمتنع من الإنكار على وجه التوبيخ والتثريب، فأما