رواياتنا أيضًا صريحة وتزيد بالدلالة المعنوية على جواز العمل به كما ذكرنا في المسائل المختلف فيها، فتكون روايتنا راجحة فإن لم يكن كذلك فلا أقل من التساوي وحينئذ يتعين التوفيق كما تقدم.
فإن قلت: هنا توفيق آخر وهو: أن بعضهم كان قائلًا بالقياس حين كان البعض الآخر منكرًا، ثم لما انقلب المنكر مقرًا انقلب المقر منكرًا وحينئذ يكون كل واحد منهم قائلًا بالقياس ومنكرًا له من غير تناقض، وتكون الروايتان صحيحتين مع أنه لا يحصل الإجماع على صحته، فلم قلتم أن ما ذكرتم من التوفيق أولى؟
قلت: ما ذكرنا من التوفيق أولى لوجهتين:
أحدهما: أنه لو وقع ذلك لنقل واشتهر؛ لأنه من الأمور الغريبة والعجيبة، أو كان في لفظ أحد منهم إشعار بالرجوع عن ذلك كما نقل عنهم في بعض المسائل الرجوع عنها ولما لم يكن كذلك علمنا أنه لم يقع.
وثانيهما: أن توفيقنا يقتضي بقاء ما كان على ما كان، وتوفيقكم لا يقتضى ذلك بل يقتضى التغيير فكان توفيقنا أولى.
قوله: لا نسلم عدم الخوف والتقية.
قلنا: قد ذكرنا الدليل عليه.
وأما قول النظام: بأن العامل بالقياس إنما هو بعضهم.
قلنا: مسلم، لكن سكت الباقون فكان إجماعًا كما تقدم، ونحن في هذا المقام ما ادعينا عمل الكل به حتى يكون ذلك قادحًا في غرضنا.