وذهب الحنفية إلى أنه غير ثابت بل بالاستدلال أي هو استدلال على تحرير مناط الحكم، وحذف الحشو منه عن درجة الاعتبار؛ ولهذا أوجبوا على المفطر في نهار رمضان بالأكل أو الشرب الكفارة اعتبارًا بالجامع، ولكن لا بطريق القياس عليه؛ إذ القياس عندهم غير جار في الكفارات والحدود، ولكن بطريق الاستدلال.
واحتج من قال: بأن الحكم في النوع الأول ثابت بالدلالة اللفظية دون القياس بوجوه:
أحدها: أن العارف باللسان إذا سمع أمثال هذه الصيغ فإنه يتبادر إلى فهمه ثبوت الحكم في محل المسكوت كما هو في محل النطق بل بالطريق الأولى، وذلك يدل على أنها حقيقة في المجموع معًا إما بحسب الوضع الأصلي أو النقل العرفي وأيما كان يحصل المقصود.
وثانيها: أن العرب وضعت هذه الصيغ لتأكيد الحكم في محل السكوت، بدليل أنهم يفزعون إليها عندما أرادوا التعبير عنه، ألا ترى أنهم إذا أرادوا التعبير على وجه المبالغة عن كون أحد الفرسين سابقًا على الآخر قالوا:"إن هذا/ (١٥١/ أ) الفرس لا يلحق غبار ذلك الفرس، وإذا أرادوا التعبير عن كون الرجل فقيرًا لا شيء له قالوا: لا سبد له ولا لبدا، وقالوا: "لا يملك النقير والقطمير" أو ما يجري مجراهما، ولو كانت تلك الصيغ غير