الثالث: أن يكون الطريق إلى معرفته سمعيًا، وهذا على رأينا ظاهر؛ لأن ما لا يكون طريق معرفته سمعيًا لا يكون حكمًا شرعيًا.
وأما على رأي من يقول بالتحسين والتقبيح العقلي فاحترزوا به عن الحكم الشرعي الذي طريق معرفته العقل.
واحتجوا على اعتبار هذا الشرط: بأنه لو كان طريق معرفة ذلك الحكم في الأصل العقل لكان طريق معرفته- في الفرع- أيضًا العقل وحينئذ يصير القياس عقليًا، لا سمعيًا، وكلامنا في القياس السمعي.
وهذا ضعيف؛ لأنا لا نسلم أن الكلام في القياس السمعي بل في القياس الذي يفيد حكمًا شرعيًا أعم من أن يكون سمعيًا أو عقليًا.
سلمناه لكن معرفة الحكم في الفرع لا يتوقف على معرفة الحكم في الأصل فقط حتى يلزم من كون طريق معرفته في الأصل عقليًا كون طريق معرفته في الفرع عقليًا أيضًا، بل يتوقف على معرفته حكم الأصل وعلى كون ذلك الحكم معللًا بالوصف الفلاني، وعلى معرفة حصول ذلك الوصف بتمامه في الفرع فبتقدير أن تكون المعرفة [الأولى] عقلية يحتمل أن تكون الباقيتان سمعيتين، وحينئذ لا يمكن معرفة حكم الفرع إلا بعد معرفة تينك المقدمتين السمعيتين، والموقوف على السمعي سمعي فيكون القياس سمعيًا، فلم يلزم الخلف على هذا التقدير.
الرابع: أن لا يكون حكم/ (١٥٤/ أ) الأصل ثباتًا بالقياس على أصل