الحكم بها فكذلك ضرورة أن السببية حكم من أحكام الشرع.
وثانيهما: أن قياس الشيء على الشيء يقتضى أن يكون بينهما وصف مشترك هو علة الحكم ضرورة أن القياس لا يقعل بدون العلة المشتركة، فلو قسنا مثلًا اللواط على الزنا في كونه موجبًا للحد فلابد وأن يكون بينهما وصف مشترك هو علة للموجبة والسببية، وحينئذ يكون السبب ذلك المشترك لا الزنا على سبيل الخصوصية فيخرج كل واحد من الزنا واللواط موجبًا وسببًا؛ لأن الحكم لما استند إلى المشترك بينهما استحال أن يكون معه مستندًا إلى خصوصية كل واحد منهما، وقد علم أن من شرط القياس بقاء حكم الأصل وهو زائل؛ لأن المقيس عليه حينئذ يخرج أن يكون مقيسًا عليه، فإذن جريان القياس في الأسباب يقتضى أن لا يكون السبب الذى هو أصل سببًا هذا خلف.
ولا ينقض هذا بالقياس في الأحكام؛ لأن ذلك لا ينافي كون الأصل فيه اصلًا؛ لأن الأصل في قياس الأحكام غير موجب للحكم وإضافة الموجبة إلى القدر المشترك بينه وبين الفرع لا ينافي كونه اصلًا بخلاف السبب فإنه موجب للحكم فإضافة الموجبة إلى القدر المشترك منافية/ (١٦٠/ ١) للإضافة إلى السبب الذى هو الأصل على سبيل الخصوصية.
لا يقال: يجوز أن يكون المشترك له تأثير في عملية الوصفين، وليس له تأثير في الحكم فلا يلزم من اشتراك الوصفين في وصف موجب للسببية أن يكون هو السبب؛ لأنا نقول هذا باطل؛ لأن ما يصلح لعلية العلة كان صالحًا لعلية الحكم فلا حاجة حينئذ إلى الواسطة.