أحدها: لو كانت صيغة الفعل دالة على صدور الفعل من المختار لكان قولنا: "أخرج" و "أنبت" خبرا تاما، لأنه حينئذ يجري مجرى قولنا:"أخرج القادر"، و "أنبت القادر" وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم. وفيه نظر، لأن لقائل أن يقول: هب أنه لا يدل على خصوصية القادر المختار، لكن لا نزاع في أنه يدل على صدوره عن شيء.
فقولنا: أخرج حينئذ يجري مجرى، قولنا: أخرج شيئا فكان يجب أن يكون خبرا تاما، فما هو جوابكم فيه؟ فهو جوابنا فيما أوردتموه علينا.
وثانيها: أن إسناد الفعل إلى الفاعل، تارة يفيد صدوره منه فقط كقولك:"ضرب زيد"، وتارة يفيد اتصافه به فقط كما في قولك:"مرض زيد"، و "مات عمر"، وتارة يفيد المعنيين جميعا كقولك:"قام زيد"، فلو كان الفعل دالا على صدوره من القادر المختار بطريق التضمن لم يكن إسناد الفعل إلى الفاعل في هذه الصور الثلاثة على سبيل الحقيقة، لكن لم يقل أحد من أئمة اللغة، إن مرض زيد ومات عمر، مجاز لغوي.
وثالثها: أن من الاستعمال الشائع من غير نكير من أهل اللسان قول القائل: "السواد يضاد البياض وينافيه"، و "إن الجسم الجمادي يقبل العرض"، ويشغل الحيز، وينتقل عن مكانه غير الطبيعي. والأصل في الكلام الحقيقة الواحدة، وحينئذ يلزم أن لا يكون حقيقة في خصوصية القادر المختار، وهو المطلوب.
ورابعها: أن الفعل لو كان له دلالة على القادر من حيث الوضع لكان