ثم اعلم أنه قد يقع في كل قسم من هذه الأقسام ما يظهر كونه منه، وقد يقع فيه ما لا يظهر كونه منه.
أما الأول فهو كوجوب القصاص بالقتل بالمثقل، فإنه يظهر أنه من قبيل المصلحة الضرورية في حفظ النفوس؛ لأنه لو لم يوجب القصاص به لما حصل حفظ النفوس وأن شرع القصاص في المحدد؛ لأن كل من يريد أن يقتل انسانًا فإنه يعدل عن المحدد الى المثقل، دفعًا للقصاص عن نفسه؛ إذ ليس في المثقل زيادة مؤنة ليست في المحدد حتى يمكن أن يقال إنه لا يكثر به القتل بسبب تلك المؤنة كما يكثر في المحدد فعدم وجوب القصاص فيه لا يفضى الى الهرج والمرج كما في المحدد بل كان المثقل أسهل من المحدد لوجوده من غير عوض، فكل شرع روعي فيه حفظ النفوس لا يجوز أن يخلو عن وجوب القصاص بالمثقل.
وأما الثاني فهو ما لا يظهر كونه من ذلك القسم، وهذا ينقسم إلى ما يظهر منه أنه ليس من ذلك القسم [وإلى ما لا يظهر منه ذلك أيضًا بل يتساوى فيه الأمران أعنى كونه من ذلك القسم] أو ليس منه.
أما الأول: فهو كإيجاب القصاص بالقتل بغرز الإبرة في غير مقتل بحيث لا يعقب ألمًا وورمًا ظاهرًا، فإنه يظهر منه أنه ليس من قبيل رعاية المصالح الضرورية؛ إذ لا يفضى ذلك إلى إهدار النفوس إلا على الندور فلم يكن إيجاب القصاص فيه من قبيل رعاية المصالح الضرورية في حفظ النفوس.
وأما الثاني/ (١٧٤/أ) فهو كإيجاب قطع الأيدي باليد الواحدة فإنه