وإن كان قبل تسليم مناسبة تلك الصفات، فللمستدل طريق صالح في دفع السؤال من غير حاجة إلى بيان المناسبة في الوصف المستبقي وهو ترجيح سبره على سبر المعترض لموافقته للتعدية وموافقة سبر المعترض للقصور، والتعدية أولى من القصور على ما يأتي تقريره في الترجيحات وهو ضعيف؛ أما أولًا: فلأن ذلك كلام على سند المنع وهو قد لا يكون جوابًا عن المنع؛ وهذا لأن المعترض تارة يمنع مناسبة الوصف المستبقي فقط من غير أن يسنده إلى شيء وتارة يسنده إلى شيء نحو الأصل بأن يقول: بأن الأصل عدم المناسبة، أو يقول: بحثت وسبرت فما وجدت فيه المناسبة [فإذا قال المستدل: بحثت وسبرت فوجدت فيه المناسبة] وسبري راجح على سبرك لما تقدم كان ذلك كلامًا على سند المنع لا على المنع.
وأما ثانيًا: فلأنه إذا ادعى المناسبة في الوصف المستبقي ورجحه على غيره، طولب ببيانها فإن لم يبين واقتصر على قوله: بحثت ووجدت فيه المناسبة، ولم يبينها تفصيلًا لم يصغ إليه ولم يكتف منه بهذا القدر، وإن اكتفينا بهذا في جانب النفي لأنه لا كلفة في الإظهار بعد الوجدان فيكون في عدم بيانها وسترها معاندا أو لأنا لو اكتفينا منه بهذا القدر لاكتفينا منه في كل مسألة خلافية أن يقول ابتداء بحثت وفتشت فوجدت على حكم المسألة دليلًا، إذ الظاهر من حال المجتهد العدل إنما هو الصدق ولا قائل به وإنما اكتفينا منه بهذا في النفي لأنه لا طريق إليه إلا ذلك.
وأما ثالثًا: فلأنا لو سلمنا الاكتفاء بهذا القدر فهو أيضًا بيان للمناسبة في الوصف المستبقي، غايته أنه على وجه جملي فلا يكون ذلك مافيًا/ (١٩٠/ أ)