وهو أيضًا من نظائر ما تقدم؛ فإن الدليل على كون الوصف الطردي علة ليس هو كونه علة في الفرع حتى يلزم ما ذكره، بل هو كونه مقارنًا للحكم في جميع محاله غير صورة النزاع، وذلك ليس دعوى تحتاج إلى الدليل، فإن ذلك ثابت بالإجماع أو بالنص، وحينئذ لا يلزم ما ذكرتم من المحذور.
واحتج من قال بحجيته مطلقًا بوجهين:
أحدهما: أن هذا الحكم لابد له من علة لما تقدم، وغير هذا الوصف ليس بعلة إذ الأصل عدمه، وعدم عليته فتعين أن يكون هو العلة.
وجوابه: أن ظن انتفاء الغير إنما يوجب ظن عليته أن لو كان هو صالحًا للعلية في نفسه وهو ممنوع، فإن ما لا يكون مناسبًا ولا مستلزمًا للمناسب، ولا مطردًا ولا منعكسًا لم يصلح للعلية عند الخصم فلم قلتم أنه ليس كذلك فإن ذلك أول المسألة؟
وثانيها: أنا إذا علمنا أن الحكم لابد له من علة، وعلمنا حصول هذا الوصف ولم نعلم غيره، ظننا كون هذا الوصف علة لهذا الحكم؛ إذ لو لم يحصل هذا الظن فإما أن يكون لأجل أن ذلك الحكم لا يستند إلى علة، وهو باطل [لأنه يناقض العلم الأول، أو لأجل أنه يستند إلى غيره] وهو أيضًا باطل؛ لأن إسناده إلى غيره يقتضي الشعور بالغير، والشعور بالغير حال عدم تحقق الشعور بالغير محال.
وجوابه: أنه لا منافاة بين عدم الشعور بالغير على سبيل التفصيل وبين الشعور به على سبيل الإجمال، واللازم إنما هو الشعور بالغير على سبيل