المشهورة التي تذكر مثالًا لهذه المسألة وهي: أن الحنفي إذا قاس العاصي بسفره في إثبات الرخصة له على العاصي في سفره بجامع المشقة التي في السفر وبين مناسبتها للترخص، فنوقض بالحمال وأرباب الصنائع الشاقة في الحضر لم يلزم ذلك؛ لأن المشقتين نوعان مختلفان، ومع اختلاف النوع لا يمكن اعتبار المقدار، نعم لو تحقق مشقة السفر في صورة من الصور مع عدم الترخص توجه البحث المذكور.
وذهب الأكثرون إلى أن ذلك لا يقدح محتجين بأن علية الوصف قد تحققت وفاقًا وبشهادة المناسبة والاقتران، وتخلفه عن مقدار الحكمة المقصودة من الوصف مشكوك فيه؛ إذ يحتمل أن تكون الحكمة التي تخلف الحكم عنها نوعًا آخر كما تقدم، أو وأن كانا نوعًا واحدًا لكن يحتمل أن يكون مقدار الحكمة التي تخلف الحكم عنها أقل من مقدار التي جعل لأجلها الوصف علة، فيصير احتمالي الخصم معارضين بهذين الاحتمالين فحينئذ يقع الشك في تخلفه عن ذلك المقدار، وإذا كان كذلك وجب اعتقاد بقائه علة ابقاء لما كان على ما كان.
وأيضًا: لو كان تخلف الحكم عن الحكمة يقدح في علية الوصف لكان تخلف الحكم عن الوصف يقدح في علية الحكمة لو جوزنا التعليل بها لتساويهما في ذلك لكن اللازم باطل لجواز أن يكون الوصف مظنة الحكمة غير واجب الاشتمال عليها فيمكن عراه عنها، فقد لا يلزمه الحكم، ومعلوم أن خلوه عن الحكم بهذا المعني لا يقدح في علية الحكمة فإنها علة بالذات على التحقيق فأينما تحققت تحقق معها فلا يتصور خلوها عن الحكم.
وفيهما نظر لا يخفي على المتأمل، والحق في ذلك أن يقال: إن الحكمتين