فإن قيل: لا نسلم أن ما ذكرتم يدل على مقصودكم، أما الصورتان الأوليان فإنما لم يجز الاستعارة فيهما لعدم حصول العلاقة المعتبرة في التجوز، وذلك لأن العلاقة المعتبرة في الاستعارة هي المشابهة في أشهر الصفات / (٥٥/ب) وأخصها، و "البخر" ليس من الصفات المشهورة للأسد، والطول وحده ليس من أخص الصفات للنخلة، وإنما أطلقت على الإنسان الطويل لا لمشاركته إياها في الطول فقط، بل لمشاركته إياها في الطول وفي أمور أخر يصير المجموع أخص صفاتها، فمن تلك الأمور أنها منتصبة القامة، وأن منها ذكرا وأنثى، وأنها لا تثمر إلا بالتلقيح، وأنها لا تعيش إذا قطعت رأسها، وأن الأنثى منها يتماثل إلى الذكر على ما قيل، وبعض هذه الصفات وإن كانت قد توجد في الحيوانات التي غير الإنسان، وبعضها في الجمادات كانتصاب القامة، لكن مجموع هذه الصفات لا توجد إلا في الإنسان، ولذلك قال عليه السلام:"أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من بقية طينة آدم عليه السلام". وإذا كان كذلك فلم يدل عدم جواز الاستعارة فيهما على جواز النقل والإشارة منهم.