للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسابعها: أن العلة في الأصل لابد وأن تكون بمعنى الباعث على ما تقدم تقريره، والباعث ما يكون محصلا للمصلحة أو تكميلها، أو دافعا للمفسدة أو تقليلها، فإذا كان الحكم ثابتا بخطاب التكليف لمثل هذا الغرض، فلابد وأن يكون ضابط ذلك الغرض مقدورا للمكلف إيجادا وإعداما، وإلا لما كان شرع ذلك الحكم مفيدا للغرض؛ لعدم إفضائه إلى الغرض المطلوب والعدم المحض لا انتساب له إلى الحكم. ومقصوده، فلا يكون مفضيا إلى المقصود من شرع الحكم فيمتنع التعليل به.

وجوابه: أنه إن عنى بالعدم المحض، العدم الأصلي الذي لا يخصص ولا تمييز فيه بوجه من الوجوه فمسلم أنه لا انتساب له إلى شيء لكن لا يلزم من نفي علته علية مطلق العدم الذي وقع النزاع فيه.

وإن عنى به أنه الذي يصدق عليه أنه لا شيء ولا ذات متقررة ولا ثابتة فممنوع أنه لا انتساب له إلى الحكم أو إلى غيره؛ وهذا لأن الأعدام المضافة ليست أشياء ولا ذوات متقررة مع أن لها انتسابا وإضافة.

سلمنا كل ما ذكرتم لكنه إنما ينفي تعليل حكم الأصل به دون تعليل حكم الفرع؛ فإنه لا يجب أن تكون العلة فيه بمعنى الباعث بل يجوز أن تكون بمعنى الأمارة.

تنبيه

التعليل بالوصف الإضافي جائز إن قيل بوجود الإضافات وإلا فينبني على جواز التعليل بالعدم، فإن جوز ذلك جاز هذا وإلا فلا، وأما أدلة كونها وجودية أو عدمية فقد عرفت في علم آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>